بقدر ما نُعايش أناس صريحون في أقوالهم من مبدأ اعتقادهم الجازم بأن الصراحة تمنحهم راحة البال والنفس والضمير نُعايش بالمقابل على النقيض أناس آخرون جُبلوا على ممارسة الكذب والنفاق والطرق الملتوية لأجل تحقيق مآرب مُعينة لأنفسهم ، وتلك هي سنة الله في خلقه القائل في كتابه العزيز ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ ولأن الصراحة هي محور حديثنا فإنه لخليق بنا الوقوف على ماهية الصراحة أولاً ؟ الصراحة بحسب ما ورد في المعاجم اللغوية تعني الوضوح والبيان والاستقامة والنزاهة وهي ضد الكذب والنفاق والخداع والغموض والمراوغة ولأهميتها فقد حرص الإسلام عليها لدورها العظيم في تحقيق العدل والمساواة والمحافظة على الضروريات الخمس للإنسان وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل ، وما موقف الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه من شرحبيل بن حسنة وقتما رآه غير قادراً على إدارة بلاد الشام التي عهد إليه ولايتها حين قال له ( إني لم أعزلك عن سُخطٍ ولكني أريد رجلاً أقوى من رجل ) إلا خير مثال للصراحة الفذة والتي على ضوئها تُحسم الأمور وتتحقق من ورائها النتائج المرجوة من العمليات التقويمية والتحكيمية والتوثيقية لسائر الأبحاث والدراسات وجودة المخرجات في مختلف المناشط الحياتية فضلاً عن دورها الإيجابي في تقوية عرى المحبة والاخاء والتعاون المُـثمر بين أفراد المجتمع الواحد ، فالصراحة بهذه التجليات ما أروعها وهي تُمثل قيمة خلقية رفيعة المستوى ومُنطلق رائد لكل خير يًرجى النيل منه وأن الإنسان كلما ارتقى بفكره وعواطفه وإرادته كلما ساعده ذلك على انتقاءً ما قد يُصرح به من كلام صحيح ودقيق وموزون ، ولها مستخدمات مُتنوعة لدى البلاغيون وقتما يبيحون عن مشاعرهم الفياضة تجاه نظائرهم ومنها الكناية والتورية والرموز الأدبية قال عنها المفكر النفساني إبراهيم الفقي : إذا خسر الإنسان شخصاً لصراحته فهو الرابح في النهاية ، لأن أصحاب العقول الصغيرة هي التي لا تستوعب الصراحة .أما المفكر جاكسون براون فيرى بأن المجاملة لا تعني أن تكذب وإنما تقول الحقيقة بطريقة لطيفة فيما أعتبرها الصُرحاء كسمة تخلقوا بها أساساً لنقاوة ضمائرهم وحسن نياتهم وثقتهم بأنفسهم وطمأنينتهم وسعادتهم ومقدرتهم على تحمل المسئوليات وتحقيق ما أمكن من نجاحات مؤمل منهم في مُعترك الحياة عدا ما يعتقدونه من زاوية أخرى من أن الصراحة طوق نجاة إذا ما تعرض مجتمعهم ووطنهم إلى مؤامرات ودسائس خبيثة وهم بهذه المنهجية المتميزة حقاً بخلاف أولئك الذين يسلكون طرقاً ملتوية وأفاكة من شأنها تثير القلاقل والفتن وتعمل على تفتيت اللحمة الوطنية ، فالصراحة راحة كما في الأمثال العربية ولكن الافراط فيها مُدعاة لجلب الضرر والمفاسد لاسيما في حالة البوح بالأسرار الشخصية أو العائلية أو بما يتعلق بمنظومة العمل ، ولأن الصراحة لا تتم إلا بتوفر حرية كافية للفرد فإن كبتها عادة ما يؤدي إلى الإصابة بالأمراض النفسية خوف وانهزامية وعنف وسلوك تخريبي كناتج حتمي لهذه المشاعر المكبوتة ولذلك ما أحوج المنظومات التربوية والتعليمية لطرق وأساليب بمنأى عن تلكمُ التقليدية حفظ وتلقين وترديد لما لها من انعكاسات سلبية على القدرات العقلية لدى الدارسين والدارسات فضلاً عن عدم مقدرتهم على الإفصاح عما يدور بدواخلهم من مشاكل وآراء ومقترحات جاء في الحديث : ولا يمنعـن رجلاً هيبة الناس أن يقول الحق إذا علمه على أن يؤخذ في الاعتبار الحكمة والملاينة وعدم التهور كما أوضحه كتاب الله العزيز وهدي نبيه صل الله عليه وسلم ذلك لأن الصراحة الفجة غالباً ما تسيء لسمعة صاحبها وتؤدي بالتالي إلى نفور من يتعامل معه بينما تظل الصراحة الحقيقية الرائدة تلكمُ التي تنطلق من تقوى الله وخشيته مهما تغيرت الأحوال والظروف .
بقلم الكاتب السعودي / عبد الفتاح بن أحمد الريس
باحث تربوي ومؤرخ ومؤلف وكاتب صحفي
- 28/01/2021 الياسين يستقبل رئيس وأعضاء «الشفافية» لمناقشة تقرير مؤشر مدركات الفساد. #العبدلي_نيوز
- 28/01/2021 البورصة تغلق تعاملاتها على انخفاض المؤشر العام 4,8 نقطة. #العبدلي_نيوز
- 28/01/2021 #الذهب يتراجع مع تحول جاذبية الملاذ الآمن إلى الدولار. #العبدلي_نيوز
- 28/01/2021 فريق منظمة الصحة يغادر الحجر الصحي في ووهان ويبدأ العمل الميداني. #العبدلي_نيوز
- 28/01/2021 وزير العدل: تقدم الكويت في مؤشر مدركات الفساد يعكس الجهود الحكومية في تعزيز النزاهة. #العبدلي_نيوز
- 28/01/2021 حساسية الأسنان.. أسبابها وطرق الوقاية والعلاج
- 28/01/2021 بدر الحميدي: تعديل اقتراح إنشاء الصندوق التكافلي لإزالة اللبس حول بعض مواده. #العبدلي_نيوز
- 28/01/2021 لماذا سيتمتع ترامب بامتيازات الرؤساء السابقين حتى آخر العمر؟. #العبدلي_نيوز
- 28/01/2021 “الرحمة العالمية” تستعد لترشيح عدد من طلابها في كمبوديا للمنح الدراسية الجامعية. #العبدلي_نيوز
- 28/01/2021 مدافع إنتر ميامي ألفاس باول يوقع عقد انتقال إلى نادي الهلال السوداني
المقالات > سيـكـولـوجـية الـصـراحـة
محرر العبدلي نيوز
سيـكـولـوجـية الـصـراحـة


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alabdle.org/articles/35779/